رسالة في الخمس

اشارة

نام كتاب: رسالة في الخمس

موضوع: فقه استدلالى

نويسنده: اراكى، محمد على

تاريخ وفات مؤلف: 1415 ه ق

زبان: عربى

قطع: وزيرى

تعداد جلد: 1

ناشر: مؤسسه در راه حق

تاريخ نشر: 1413 ه ق

نوبت چاپ: اول

مكان چاپ: قم- ايران

ملاحظات: اين رساله همراه" المكاسب المحرمة" چاپ شده است

الأولى [في أن الخمس في الأرباح متعلق بالذمة أو العين]

هل هو في أرباح المكاسب، متعلّق بالذمّة فالمعاملة الواقعة قبل التخميس لا إشكال في صحتها و عدم ارتباط ربحها و خسرانها بأرباب الخمس.

أو أنّه متعلّق بالعين شبه تعلّق الزكاة بالأعيان الزكويّة حيث إنّ الفقير لا يملك عشرا من العين على نحو الإشاعة، بل له حق العشر على رقبة المال فتكون صحة المعاملة مراعاة بأدائها إمّا من البائع أو من المشتري، و إلّا جاز لولي الفقير ارتجاع العين و الأخذ منها.

أو انّه متعلّق بالعين على نحو الملك المشاع.

يدل على الأخير ظواهر الأخبار خصوصا ما فسّر منها الغنيمة في الآية بمطلق الفائدة دون خصوص الغنيمة المصطلحة، فكما يكون في الغنيمة المصطلحة على حسب ظاهر الآية متعلّقا بنفس العين على وجه الملكيّة لظهور اللام في الملكية و كلمة الخمس المضاف إلى الضمير في الكسر المشاع في نفس مرجع الضمير، كذلك الحال في سائر الفوائد المكتسبة، و مثلها في الظهور ما دل على تعليل إباحتهم عليهم السلام المناكح و المتاجر لشيعتهم لطيب ولادتهم.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 270

هذا و لكن ينافي ذلك أنّه بناء على هذا يلزم في المعاملة الواقعة في وسط الحول على عين الربح الموجبة لربح جديد تقسيم الربح أيضا بين المالك و السادة كما فيما بعد انقضاء الحول، و ذلك لأنّه لا يشترط في هذا الباب كباب الزكاة مضيّ الحول في أصل تعلّق

الوجوب، بل الوجوب ثابت من حين حصول الربح.

غاية الأمر إنّ الشارع رفقا بنا جوّز لنا تأخير الإخراج إلى آخر الحول لاحتمال حدوث خسران يوجب خروجه عن كونه ربحا.

و على هذا فإذا علم أنّ هذا الربح الخاصّ يبقى على الربحيّة إلى آخر الحول فهو متعلّق للخمس فعلا، فيلزم إجراء قاعدة العقد الفضولي من هذا الحين، و الحكم باشتراك الربح الحاصل في معاملته، و الحال أنّهم غير ملتزمين به.

إلّا أن يقال إنّه حال المعاملة آنا ما ينتقل إلى البائع فينتقل الثمن بجميعه إلى ملكه و يصير عوض الخمس في الذمّة، لكن ما الدليل على هذا المعنى، و ما الفارق بينه و بين المعاملة الواقعة بعد مضيّ الحول، فلم لا يجري فيه ذلك؟

ثمّ على تقدير الملك المشاع في العين هل العقد الواقع عليها لا بدّ أن يراعى فيه قاعدة العقد الفضولي من الحاجة إلى الإمضاء فيتكلم في أنّ المتصدّي له من هو، و لا دليل على ولاية الحاكم لا في خصوص المورد و لا في مطلق الأمور العامّة كما حقّق في مسألة ولاية الفقيه أنّه لم يقم على ولايته دليل، و ما تمسّك به في جانب الإثبات عليل.

هذا مضافا إلى مخالفة ذلك مع ما يستظهر من خبر أبي سيار من كون ثبوت الخمس في الثمن بلا حاجة إلى اجازة و إمضاء من المسلميات عند الراوي.

فيعلم منه أنّه كما أنّ للمالك أداء الخمس من جنس آخر و مال آخر، كذلك له ولاية التبديل فيقوم العوض مقام المعوّض في كونه متعلّقا للخمس فيقع الكلام

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 271

في أنّ هذه الولاية على تقديرها هل هي ثابتة مطلقا أو مخصوصة بصورة العزم على الأداء من الثمن أو بصورة

عدم العزم على الترك.

و مجمل الكلام في أصل المطلب أنّ الحق هو التعلّق بالعين لما مرّ من أنّه ظاهر الأدلة.

و أمّا وجه عدم المعاملة مع المعاملة الواقعة في أثناء الحول بالنسبة إلى الربح معاملة الفضولي، هو أنّ موضوع الخمس إنّما هو ما يخرج منه مؤنة السنة لا مطلق المؤنة، فإنّ لفظ السنة و ما بمعناه و إن لم يذكر في الأدلّة و لكنّه المنصرف من إطلاقها في قولهم- عليهم السلام-: الخمس بعد المؤنة، كما أنّ المنصرف هو الشمسي دون القمري لأنّ معيار تقدير القوت و ما يمون به الإنسان على الفصول الأربعة لاختلافه باختلافها.

و بالجملة فيعلم من هذا أنّ الفائدة التي هي متعلّق الخمس هي فائدة السنة لأنّها التي توضع منها مؤنة السنة بحسب الغالب و إن كان يمكن وضعها من فائدة يوم لكنّه نادر، و فائدة ستّة أشهر و نحوها مما دون السنة، و إن كانت وافية بمؤنة السنة غالبا لكن بعد إلغاء أفراد الفائدة بما هي فائدة بواسطة التقييد المذكور يكون المنساق إلى الذهن هو ما ذكرنا من فائدة السنة، فيتقيّد بذلك إطلاق «ما غنمتم» في الآية، و «ما أفاد الناس» في الخبر و أمثالهما من المطلقات.

و على هذا فلو لم يكن في البين إلّا ربح واحد واف بمؤنة السنة مع زيادة و علم المكلف أيضا بعدم تجدّد ربح آخر و لا خسران يوجب الجبر مع هذا كان هو مصداق مؤنة السنة، و مقتضى الأدلّة هو القول بالتضييق و الفورية حينئذ.

نعم لو شك في ما ذكر كان التوسعة حينئذ لأجل تزلزل الموضوع و عدم معلوميّة كونه هذا أو أقل أو أكثر، لا أنّ الموضوع محرز، و التوسعة تكون في الحكم و إن كان

هذا على خلاف ما يظهر من كلماتهم.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 272

و بالجملة فيكون مجموع فوائد السنة فائدة واحدة، و من هنا لا يحسب لكل فائدة سنة مستقلّة، بل سنة واحدة مبدأها أول الظهور أو الاكتساب، و منتهاها زمان حصول الفائدة الأخيرة، فالتصرّف في فائدة من الفوائد المترامية الحاصلة في طول السنة ليس تصرّفا في موضوع الخمس لأنّ الموضوع إنّما يتحقق فيما بعد.

فتحقّق ممّا ذكرنا أنّ الخمس متعلّق بعين المال، و أمّا إنّه على سبيل الملك كما هو الظاهر من اللام أو الحق فيمكن أن يقال بالثاني نظرا إلى أنّ ما غنمتم و ما يستفيد الرجل، إنّما يصدق على المغنوم و المستفاد الفعليّين، أعني ما كان متلبّسا في حال النسبة الحكمية بالمملوكيّة للمالك، فالمال بوصف كونه مملوكا لمالكه يتعلّق به المحمول، أعني قوله: للّه خمسه، و حيث لا يمكن الجمع بين ملكيتين، فلا بدّ من التصرف في ظهور اللام بحملها على الاختصاص الحقّي، و ذلك لأنّ ظهورها في الملكي ليس بمثابة يرفع بها اليد عن ظهور الموضوع في حفظ وصفه العنواني في حال ثبوت النسبة، و لا أقل من تكافؤ الظهورين فيتساقطان فيرجع إلى استصحاب ملكية المالك الثابتة في الرتبة الأولى المشكوك زوالها في الثانية، و على هذا فالحاجة إلى الإمضاء في المعاملة الواقعة على الربح بعد الحول إنّما هو لأجل وقوعها على متعلّق حق الغير لا ملكه، فلا يفيد الإمضاء ملكية خمس الثمن لأرباب الخمس. و لا يخفى عدم منافاة ما ذكرنا مع اخبار التحليل المعلّلة لطيب الولادة، لأنّ المستفاد منها التعلّق بالعين في قبال الذمّة لا أزيد من ذلك.

و كيف كان هل التصرف في الأرباح بعد تمام الحول و في سائر الأعيان

الخمسية جائز مطلقا أو لا كذلك أو فرق بين الضمان و عدمه فيجوز معه و لا يجوز مع عدمه، أو بين نيّة العدم و عدمها فلا يجوز معها و يجوز معه عدمها؟

جزم شيخنا المرتضى- قدس سره- بالجواز مع الضمان و جعله مقتضى الروايات و السيرة، فيخرج بهما عن الأصل الأوّلي الذي هو الحاجة إلى الإمضاء الذي هو

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 273

مقتضى التعلّق بالعين إمّا ملكا و إمّا حقّا، و عن العمومات الخاصة من قوله:

«لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقّنا» «1».

و ما في تفسير العياشي بسنده عن إسحاق بن عمّار قال: سمعته يقول:

«لا يعذر اللّه عبدا اشترى من الخمس شيئا أن يقول يا ربّ اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس» «2».

و مراده- قدس سره- من الروايات التي جعل مقتضاها الجواز الروايات الواردة في دفع الثمن:

1- مثل رواية الكنز قال: «وجد رجل ركازا على عهد أمير المؤمنين عليه السّلام فابتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم و مائة شاة متبع، فلامته أمّي و قالت: أخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة و أنفسها مائة و ما في بطونها مائة، قال: فندم أبي فانطلق ليستقيله فأبى عليه الرجل، فقال: خذ منّي عشر شياه خذ منّي عشرين شاة، فأعياه، فأخذ أبي الركاز و أخرج منه قيمة ألف شاة. فأتاه الآخر فقال: خذ غنمك و آتني ما شئت، فأبى فعالجه فأعياه فقال: لأضرّنّ بك. فاستعدى أمير المؤمنين عليه السّلام على أبي، فلمّا قصّ أبي على أمير المؤمنين عليه السّلام أمره، قال لصاحب الركاز: «أدّ خمس ما أخذت فإنّ الخمس عليك فإنّك أنت الذي وجدت الركاز و ليس على الآخر شي ء لأنّه إنّما أخذ

ثمن غنمه» «3» (2) و مثل رواية الريّان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمّد عليه السّلام: ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلة رحى أرض في قطيعة لي، و في ثمن سمك و بردي و قصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب عليه السّلام: «يجب عليك فيه الخمس إن شاء

______________________________

(1) الوسائل، الجزء 6، الباب 1، من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص 337، الحديث 4.

(2) المصدر نفسه: الباب 3، من أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام، ص 378، ح 10.

(3) الوسائل: ج 6، الباب 6، من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص 346، ح 1.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 274

اللّه» «1».

(3) و مثل رواية السرائر بالإسناد عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

كتبت إليه عن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال، إنّما يبيع منه الشي ء بمائة درهم أو خمسين درهما هل عليه الخمس؟ فكتب: «أمّا ما أكل فلا، و أمّا البيع فنعم هو كسائر الضياع» «2».

(4) و مثل رواية أبي سيار مسمع بن عبد الملك في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي كنت وليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم، و قد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم، و كرهت أن أحبسها عنك و أعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالى لك في أموالنا؟ فقال: «ما لنا من الأرض و ما أخرج اللّه منها إلّا الخمس؟ يا أبا سيّار الأرض كلها لنا فما أخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا» قال:

قلت له: أنا أحمل إليك المال كله. فقال لي: «يا أبا سيار قد طيّبناه لك و حلّلنا لك منه، فضمّ إليك مالك».

الحديث. «3»

أمّا الاولى و الأخيرة الواردتان في الكنز و الغوص فدلالتهما على الصحة واضحة حيث لا يعتبر فيهما الحول. و قوله في الأولى «إنّما أخذ ثمن غنمه» شاهد على الصحة. و حمله على الثمن الخيالي أو العرفي لا داعي إليه. و كذلك التقرير في الأخيرة و كونها قضية في واقعة و من المحتمل مسبوقيتها بالإذن أو كونه مأذونا بإذن الفحوى غير مضر بعد كون الاحتمال المزبور خلاف الظاهر.

و أمّا المتوسطتان الواردتان في الأرباح، فلأنّهما بعمومهما شاملتان لما إذا كان المعاملة بعد الحول و كون قوله عليه السّلام في الجواب بوجوب الخمس إجازة خلاف

______________________________

(1) الوسائل: ج 6، الباب 8، من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص 351، ح 9.

(2) المصدر نفسه: ح 10.

(3) المصدر نفسه: الباب 4، من أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام، ص 382، ح 12.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 275

الظاهر، فإنّ الظاهر أنّه بمقام إظهار نفس حكم المسألة و احتمال كون الفاكهة في الأخيرة منهما معدّة للبيع لا مبيعة أيضا، خلاف الظاهر، بل الظاهر أنّ السؤال من الثمن كما في الأولى منهما. هذا مع الضمان.

كما أنّه- قدّس سرّه- جزم بالحرمة و الفساد مع نية عدم الإعطاء مستندا إلى قواعد الفضولي و خصوص عمومات الباب المتقدمة، و رواية الكنز و إن كان ظاهرها صورة العزم على عدم الإعطاء، حيث إنّ البائع كان معتقدا أنّ الخمس على المشتري فلهذا قال: لأضرّنّ بك، و استعدى الأمير عليه السّلام و لكن لو عمل بهذا لا يبقى مورد لأدلّة المنع الخاصّة بالباب من قوله عليه السّلام: لا يحل لأحد أن يشتري إلخ.

و بقي على التردد و الاشكال في صورة عدم الضمان و لا نية عدم الإعطاء

من جهة القواعد و اخبار عدم الحلّ و من جهة ظهور الخبرين المتوسطين في عدم الضمان، لكونه جاهلا بأصل تعلّق الخمس، هذا ما أفاده- قدس سره- و استشكل عليه شيخنا الأستاذ- أدام اللّه أيام إفاداته- بأنّ ما ذكره- قدس سره- مبني على حمل قوله: لا يحل، على عدم الحل الوضعي. و لكن لا يخفى عدم إمكان هذا في الخبر الآخر المشتمل على قوله عليه السّلام: لا يعذر اللّه عبدا اشترى إلخ، فإنّ كلمة لا يعذر قرينة على إرادة التكليفي في كليهما بقرينة اتّحاد سياق الخبرين فالمقصود من الاشتراء ليس هو الإنشاء الصرف بل التصرّف بعنوان التملّك.

و حينئذ لو لم يكن في البين اخبار الجواز المذكورة، لاستكشفنا من حرمة التصرف عدم حصول الملك و فساد الاشتراء أيضا حفظا لعموم «الناس مسلّطون على أموالهم».

و لكن بعد ظهور تلك الأخبار في أصل الصحة يكون المستفاد من المجموع صيرورة العين الخمسية ملكا للمشتري، و لكنّه ما دام لم يصل الحق إلى ذي الحق محجور عن التسلّطات و التصرّفات المالكيّة فيكون هذا تخصيصا لقاعدة السلطنة.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 276

و حينئذ نقول أمر الخمس بعد صحّة المعاملة و الشراء و محجورية المشتري عن التصرف في العين يدور بين ثلاثة أمور:

الأوّل: كونه متعلّقا بالعين كما في السابق. نعم هذا بناء على الحق لا الملك و إلّا كانت المعاملة فاسدة بالنسبة إلى مقدار الخمس، و حينئذ يكون المخاطب بالأداء هو البائع فلو امتنع يرجع الحاكم إلى العين.

و الثاني: أن يكون متوجّها إلى القيمة و يكون العين فارغة عنه، و لكنّه مع ذلك ممنوع التصرف تعبّدا حتّى تصل القيمة إلى أرباب الخمس.

و الثالث: أن يكون منتقلا من المبيع إلى ثمنه المنتقل إلى

البائع سواء ساوى مع القيمة أم لا، مع كون العين محجورة التصرّف تعبّدا، و لا يخفى أنّ الروايات ناصّة في نفي الاحتمال الأول و ظاهرة في نفي الثاني. و احتمال أن يكون وجه التعليق فيها على الثمن لأجل مطابقة القيمة معه غالبا رفع اليد عن الظاهر بلا جهة.

فتحقق من جميع ما ذكرنا أنّ الضمان و عدمه لا فرق بينهما حسب ما يستفاد من مجموع الأخبار.

ثم هل الحق أو الملك في هذا الباب يكون في العين بنحو الإشاعة أو على نحو الكلّي في المعيّن حتى تظهر الثمرة في ما إذا أراد التصرف في العين مع بقاء مقدار الخمس منه و عدم أداء خمس مقدار ما يتصرف فيه، كما لو كان فاضل المؤنة عشرة أغنام و أراد التصرف في خمسة منها قبل إخراج الخمس من هذه الخمسة، فعلى الوجه الثاني لا إشكال في جواز التصرف، و على الأول يجري فيه البحث المتقدم.

فمن اختار هناك الصحة مع الضمان و الفضوليّة مع عدمه يختار هنا أيضا ذلك.

و من اختار الصحة و المحجورية يقول هنا أيضا بهما.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 277

قال شيخنا الأستاذ- دامت إفاداته-: لم أعثر على عنوان المسألة في كلمات القوم و الذي تقتضيه ظواهر الأدلّة هو الوجه الأول لأنّه المتبادر من كلمة الخمس في الآية و الأخبار، و يصدق على المشتري للخمسة الأغنام في المثال أنّه اشترى شيئا مما فيه الخمس، فيحكم عليه بحكمه من المحجورية.

نعم لازم الإشاعة كما في كل مقام أنّه لو أخلص جزءا معينا من المال عن خمسه كان جائز التصرف كما لو اقتسم الشريكان بعضا من الدار المشتركة بينهما و لا يتوقف الجواز على خلاص البقية.

هذا و قد اختار في العروة

الوثقى كونه على وجه الكلي في المعيّن، و لكنّه قيّد جواز التصرف في بعض العين علاوة على بقاء مقدار الخمس بقصد إخراجه من البقية. و لم يعلم لهذا القيد وجه كما لم يعلم وجه لكونه على سبيل الكلي في المعيّن.

نعم لو عيّن الخمس في جزء معين من المال، حيث إنّ اختيار التعيين بيده صار معيّنا و يجي ء فيه بحث الفضولي على مذاقه- قده- لكن ما دام لم يعيّن في شي ء منه فالتصرف فيه بناء على الكلي في المعيّن جائز ما دام مقدار الخمس باقيا، و لو عزم على عدم الإعطاء من البقيّة ضرورة أنّه تصرف في مال نفسه حسب الفرض.

[المسألة الثانية في حكم ما إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه]

اشارة

مسألة: إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكافر و نحوه، لم يجب عليه إخراجه فإنّهم- عليهم السلام- أباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من ربح تجارة أو غيرها و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها.

و الأصل في ذلك رواية يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال: جعلت فداك يقع في أيدينا الأموال و الأرباح و تجارات نعلم أنّ حقك فيها ثابت و إنّا عن ذلك مقصّرون؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 278

: «ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم» «1».

الظاهر أنّ مقصود السائل: الأموال التي تصل إليه من العامة الغير المعتقدين لوجوب الخمس، و يمكن التعدّي إلى كل من كان مثلهم في عدم الاعتقاد كأصناف الكفّار، و ذلك بعموم العلّة المستفادة من كلامه عليه السّلام في التحليل بالنسبة إلى ما يؤخذ من العامة، و جريانها في حق غيرهم من سائر من

لا يعتقد.

فإنّ المعنى ما أنصفناكم أيّها الشيعة إن كلّفناكم إخراج خمس هذه الأموال في هذا اليوم الذي هو يوم عدم بسط يدنا، و عدم تمكّننا من إجبار غير المعتقدين على دفع الخمس.

و وجه عدم الإنصاف: أنّ التكليف بذلك يؤدّي إلى أحد أمرين كلاهما حرج على جماعة الشيعة.

إمّا ترك المعاملة و سدّ باب متاجرهم مع هؤلاء العامّة، و هو في غاية الصعوبة في تلك الأزمان.

و إمّا دفع الخمس بعد دفع عوضه إلى هؤلاء مع عدم التمكّن من استرداده، و هو أيضا صعب و لا يخفى جريان عين هذا في حق اليهود و النصارى إذا وقع منهم أموال في أيدي الشيعة.

كما أنّ مورد الخبر و إن كان هو المتاجر لكن يمكن التعدّي منها إلى المساكن و المناكح، بل يمكن أن يقال: لو كان دار مثلا مشتركة بين اثنين من الشيعة فباع أحدهما حصّته للذمي و هو لم يدفع خمسه، لا يمنع ذلك عن سكنى الآخر بملاحظة شركة أرباب الخمس أو تعلّق حقهم في الدار، فكما أنّه لو ابتاع من الذمّي أرضه المنتقل إليه من المسلم لا يجب عليه إخراج الخمس الذي يعلم

______________________________

(1) الوسائل: الجزء 6، الباب 4، من أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام، ص 380، ح 6.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 279

بعدم دفع الذمّي إيّاه، كذلك يحل له السكنى في الفرض المزبور.

و لا يخفى عدم إمكان تسرية هذه العلّة إلى المعاملة الواقعة بين نفس الشيعة بعضهم مع بعض إذا علم المشتري بأنّ البائع فاسق لا يدفع الخمس و لا يمكن إجباره أيضا.

فإنّ الكلام المذكور إنّما صدر في حق جماعة الشيعة بالنسبة إلى معاملاتهم مع من عداهم، و لا تعرض فيها عن معاملات أنفسهم الواقعة

من بعضهم مع بعضهم الآخر.

و حيث انجرّ الكلام إلى هنا فلا بأس بالإشارة إلى وجه الجمع بين الأخبار الواردة في الباب المختلفة صورة.

فنقول: هنا مقدمة و هي أنّه قد تقرّر في محلّه أنّه لو ورد عام و ورد أيضا منفصلا خصوصات متعددة، كما ورد: أكرم العلماء، و ورد بعد ذلك: لا تكرم النحويين، و في زمان آخر: لا تكرم الأدبيين. فنسبة تمام هذه الخصوصات يجب أن يلاحظ مع ذلك العام على نسق واحد، فلا يجوز تخصيصه في المثال أوّلا بلا تكرم النحويين ثم ملاحظة نسبة العموم المخصص بالنحويين مع الخاص الثاني التي هي العموم من وجه، و هكذا بل لا بدّ من إيراد الخصوصات جميعا على العام في عرض واحد. و سرّ ذلك أنّ العام لا نقصان في حجيته الاقتضائية لولا كل من الخصوصات، و حجيته الفعلية مشروطة بعدم كلها، فليس في شي ء من المرتبتين امتياز لواحد من افراد الخاص على غيره.

فهذا من أفراد ما تقرر عندهم من أنّه لو تعدّد أطراف التعارض فلا يجوز ملاحظة المعارضة في بعضها مع بعض حتى يلزم انقلاب النسبة مع البعض الآخر، و لكن هذا في مثل ما ذكرنا مما لم يكن لواحد منها تقديم طبعي على الآخر.

و أمّا لو فرض أنّ البعض له تقدم طبعي فتقديمه بملاحظة تقدّمه الطبعي،

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 280

ثم انقلاب النسبة مع الآخر لا مانع منه مثاله ما إذا ورد عامان متباينان مثل:

أكرم العلماء و لا تكرم العلماء، ثم ورد خاص مثل: لا تكرم النحاة، فحينئذ هذا الخاص له تقدّم طبعي على أكرم العلماء، فتقديمه على: لا تكرم العلماء، في ملاحظة المعارضة بينه و بين أكرم العلماء ليس ترجيحا بلا مرجح، إذ:

أكرم العلماء، ينتقض حجيته الفعلية بلا تكرم النحاة. و ليس هكذا بالنسبة إلى:

لا تكرم العلماء. إذ القول بأنّ واحدا منهما أورد النقض في حجية الآخر ترجيح بلا مرجح.

و الحاصل: أنّ الخاص من شأنه رفع حجية العام في مقدار مورده سواء كان معه عام آخر مباين مع ذلك العام، أم لم يكن. أمّا مع الثاني فواضح، و أمّا مع الأوّل فلأنّ عين الملاك الذي كان جهة تقدّمه في حالة عدم غيره موجودة مع وجود الغير و هو الأظهرية أو النصوصية، و حصول التعارض بين العامين لا يمنع عن تأثير هذا الملاك أثره، و حينئذ فيصير حجية العام المخصص مقصورة على غير مورد الخاص.

و لا شك أنّ الحجية كلّما نقضت في مقدار من أفراد العام و ارتفعت يصير حجيته فيما بقي أقوى، و يصير هذا موجبا لتقدّم هذا العام على العام الآخر، و يصير كما لو انعقد ظهوره من الأول في هذا المقدار- أعني ما عدا مورد الخاص- إذ لا فرق بين انعقاد الظهور و انعقاد الحجّية، بعد أنّ المنفصلين إنّما يتنازعان في الحجية و لا معارضة بينهما في الظهور.

و بالجملة يصير العام المخصّص خاصا بالنسبة إلى العام الآخر و يجري فيه ملاكه، و هو أنّه لو قدم العام الآخر يوجب عدم المورد لهذا العام، و ليس هكذا لو قدم هذا إذ يبقى غير مورد الخاص تحت العام الآخر.

و إن شئت قلت: إنّ العام بالنسبة إلى مقدار مّا من أفراده يوجب خروج

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 281

الزائد عن هذا المقدار، التخصيص المستبشع نص، و لكن حيث لا تعيّن لهذا المقدار في واحد من المعينات، فلهذا لو كان المخرجات المتعددة كلها في عرض واحد وجب سقوط

الكل مع العام. و أمّا في مثل مقامنا يصير قهرا متعيّنا في غير مورد الخاص، لا أعني أنّه يوجب صرف نصوصيته إلى غير مورده، إذ عرفت أنّ المنفصل لا يوجب تغييرا في عالم الدلالة و الظهور، بل بمعنى أنّه يصير كالنص في الحجّية بالنسبة إلى غير مورده.

و حينئذ لا يبقى إلّا سؤال أنّه ما وجه تقدم الخاص في ملاحظة المعارضة على العام الآخر، لم لا يجوز ملاحظة المعارضة بين الثلاثة دفعة و سقوط الكل، كما هو الحال في ما إذا تعدد الخاص إلى حد يوجب التخصيص المستبشع و كان الكل في عرض واحد، و لو جاز هنا تقديم الخاص في ملاحظة المعارضة حتى تنقلب النسبة بين العامين أمكن مثله هنالك أيضا، فيجوز تقديم بعضها حتى تنقلب النسبة مع البعض الآخر أو يصير العام كالنص بالنسبة إليه.

و يمكن دفعه بأنّ موضوع المعارضة و المصادمة بين الدليلين إنّما هو الدليل بعد تمامية جهات حجيته المتأخرة عن جميع القيود المتصلة و المنفصلة التي شأنها القرينية و كسر الحجية في العام. و حينئذ ففي المقام و إن كان العامان بحسب ذاتهما متباينين و لكن بعد هذه الملاحظة يصيران عاما و خاصا. و هذا الذي ذكرنا هو السرّ في وجه جعل العلماء في مثل هذا المورد الدليل الخاص قرينة على الجمع، و يسمّونه شاهدا للجمع، كما لو ورد ثمن العذرة سحت، ثم ورد ثمن العذرة لا بأس به، ثم ورد ثمن عذرة غير المأكول سحت.

إذا تقرر هذه المقدمة فنقول: أخبار الباب بين أربعة أقسام:

فقسم منها: دال على إباحة إمام ذلك العصر الخمس على أهل عصره،

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 282

لمصلحة خاصة بأهل ذلك العصر مثل التقية و خوف الانتشار

و نحو ذلك. و منه ما أسند فيه المعصوم الإباحة إلى أبيه- صلوات اللّه عليهما- و ما ذكر فيه نصف السدس، حيث يعلم أنّ ما بقي من الخمس جعلوا شيعتهم في ذلك العصر منه في حلّ.

و القسم الثاني: ما دلّ على الوجوب مطلقا و عدم العفو عن شي ء منه.

و القسم الثالث: ما دلّ على الإباحة و العفو كذلك من دون اختصاص ببعض أصناف الأموال دون بعض.

و القسم الرابع: ما دلّ على التفصيل بين الأموال التي تقع في أيدي الشيعة ممن لا يخمّس لعدم اعتقاد الخمس فأباحوه للشيعة مع السكوت عن غيره، بل ربّما يشعر تعليله بقولهم «ما أنصفناكم لو كلفناكم» بالثبوت في غيره.

و نحن نذكر من كل من الأقسام الثلاثة الأخيرة بعضا منها تيمنا و تبرّكا:

فمن الأوّل: منها: ما تقدم من قوله عليه السّلام: لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقّنا «1».

و مكاتبة بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام: أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الصنّاع و كيف ذلك؟ فكتب بخطه: الخمس بعد المؤنة «2».

و رواية أبي علي بن راشد قال: قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك و أخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم: و أي شي ء حقّه، فلم أدر ما أجيبه؟

فقال: يجب عليهم الخمس. فقلت: ففي أي شي ء؟ فقال: في أمتعتهم و صنائعهم.

______________________________

(1) الوسائل: الجزء 6، الباب 1، من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص 337، ح 4.

(2) المصدر نفسه: الباب 8، من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص 348، ح 1.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 283

قلت: فالتاجر عليه و الصانع بيده؟ فقال: إذا

أمكنهم بعد مؤنتهم «1».

و خبر سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الخمس؟ فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير «2».

و رواية يزيد قال: كتبت: جعلت لك الفداء تعلّمني ما الفائدة و ما حدّها؟ رأيك أبقاك اللّه أن تمنّ عليّ ببيان ذلك لكي لا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي و لا صوم. فكتب: الفائدة مما يفيد إليك في تجارة من ربحها و حرث بعد الغرام أو جائزة «3».

و من الثاني: منها رواية الفضلاء عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: هلك الناس في بطونهم و فروجهم لأنّهم لم يؤدوا إلينا حقّنا، ألا و إنّ شيعتنا من ذلك و آبائهم في حلّ «4».

و رواية ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ تدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري. فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلّا لشيعتنا الأطيبين فإنّه محلّل لهم و لميلادهم «5».

و رواية محمد بن مسلم عن أحدهما- عليهما السلام- قال: إنّ أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا ربّ خمسي. و قد طيّبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم و ليزكوا أولادهم «6».

______________________________

(1) الوسائل: الجزء 6، الباب 8، من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص 348، ح 3.

(2) المصدر نفسه: ص 350، ح 6.

(3) المصدر نفسه: ص 350، ح 7.

(4) الوسائل: الجزء 6، الباب 4، من أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام، ص 378، و 379، ح 1.

(5) المصدر نفسه: ص 379، ح 3.

(6) المصدر نفسه: ص 380، ح 5.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 284

و رواية الحارث بن المغيرة النصري عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام قال: قلت له: إنّ لنا أموالا من غلات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت أنّ لك فيها حقا؟ قال: فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلّا لتطيب ولادتهم، و كل من والى آبائي فهو في حل مما في أيديهم من حقّنا فليبلغ الشاهد الغائب. «1»

و التوقيع الشريف: و أمّا الخمس فقد أبيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث «2».

______________________________

(1) الوسائل: الجزء 6، الباب 4، من أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام، ص 381، ح 9.

(2) المصدر نفسه: ص 383، ح 16.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 285

تنبيهان:

الأوّل: لا إشكال أنّ متعلّق التحليل: تمام الخمس

المنقسم إلى سهمه عليه السّلام و سهم السادة، ضرورة أنّ طيب الولادة المقصود من التحليل لا يحصل إلّا بذلك، فقد يستشكل في تطبيق هذا على القواعد، من حيث إنّ إباحتهم- عليهم السلام- بالنسبة إلى سهم السادة تصرّف في حق الغير.

فيمكن أن يقال:

أوّلا: لهم- عليهم السلام- الولاية المطلقة على الأموال و النفوس.

و ثانيا: يمكن أن يقال ولاية تمام الخمس إلى جنابه عليه السّلام و السادة عياله و موظفون منه.

[التنبيه الثاني لا إشكال أيضا في أنّ مقدار الخمس المباح يصير ملكا للمباح له]

الثاني: لا إشكال أيضا في أنّ مقدار الخمس المباح يصير ملكا للمباح له و يتصرّف فيه التصرّفات المتوقّفة على الملك.

فتارة يشكل بأنّ المباح و المباح له غير موجودين حال الإباحة فكيف يتصوّر هذه الإباحة.

و اخرى لو سلمنا، فغايته اباحة التصرفات و كيف يفيد الملك.

و ثالثة: سلمنا، لكن اللازم كون الملكية لخصوص طائفة الشيعة، نظير الملكية في الأراضي المفتوحة عنوة التي هي لجماعة المسلمين و لا يرتبط بأشخاصهم.

و الكل ضعيف، أمّا الأوّل: فلأنّا قد تصورنا ملك الوقف للبطون اللاحقة المعدومة حال الإنشاء، و عين ما به تصوّرتم هناك جار هنا، فنقول: المنشئ إنّما لاحظ ظرف وجود المباح و المباح له و أنشأ الإباحة في هذا اللحاظ. و بهذا يندفع

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 286

الإشكال الأخير أيضا.

و أما الوسط: فعلى ما اخترنا سابقا في شراء العين المتعلقة للخمس من صحة المعاملة و المحجورية في التصرفات، ساقط من الأصل إذ المقصود في هذه الاخبار رفع تلك المحجورية و تجويز التصرّفات.

المسألة الثالثة: موضوع الخمس في الأرباح

أمّا ربح الكسب فكما يستفاد من بعض الأخبار.

و أمّا الفائدة المستفادة و لو بغير طريق الكسب فكما يستفاد من آخر.

و أمّا الفائدة و لو حصلت بغير استفادة الإنسان فكما يستفاد من ثالث.

و على كل تقدير هنا إشكال لا بدّ من حلّه.

أمّا على الأوّل و الثاني، فهو أنّه لا إشكال في أنّ الكسب الواحد، كالخياطة مثلا يلاحظ تمام أفراده المجتمعة في السنة و الخسران الحاصل من بعضها يجبر بالربح الحاصل من الآخر، و الباقي بعد الجبران يعدّ فائدة و ربحا لكسب الخياطة.

و هكذا سائر أنواع الكسب.

فهل الحال في الكسبين المختلفين نوعا مثل الخياطة و التجارة أيضا ذلك، فلو كان للشخص كلا هذين النوعين و حصل له في

عرض السنة خسران مائة تومان مثلا من ناحية أحدهما، و ربح المائة من ناحية الآخر، فهنا أيضا يلاحظ الجبر فيقال: إنّه لا ربح له في كسبه و لا خمس عليه، أو لأجبر هنا، و يقال هنا ربح و ضرر، و الأوّل متعلق للخمس.

و أمّا على الأخير، فلا إشكال في الجبر في الكسبين المختلفي النوع إذ فائدة السنة لا تحسب إلّا بعد الجبر المذكور. نعم إذا أضيفت الفائدة إلى الكسب فقيل

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 287

ربح كسب السنة جاء فيه الاشكال المتقدم، و لكن على هذا أيضا يقع الاشكال فيما إذا تلف بعض الأموال بتلف سماوي مثل الغرق و الحرق و الموت و السرقة و نحو ذلك، فهل يجبر هذه النقصانات الحادثة في المال، و بعد جبرانها لو بقي شي ء يسمّى باسم الفائدة؟ أو يقال: إنّه ضرر و فائدة و لا وجه لاحتساب الأول من الثاني و جبره به.

يظهر من العروة الوثقى المفروغية عن عدم الجبر في التلف الوارد على بعض المال مما ليس من مال التجارة.

و التفصيل في التلف و الخسارة الواردين على مال التجارة أو الزراعة أو سائر أنواع الكسب، بين ما إذا كانا في فرد من نوع و الربح في فرد آخر من هذا النوع فالجبر أقوى. و كذلك في ما إذا كانا في صنف من نوع و الربح في صنف آخر فاختار الجبر خصوصا مع الخسارة بعد ما احتاط بعدمه. و بين ما إذا كانا في نوع كالتجارة و كان الربح في نوع آخر كالزراعة فقوّى فيه عدم الجبر خصوصا في صورة التلف.

قال شيخنا الأستاذ- دام أيام إفاداته الشريفة-: ما ذكره- قدّس سرّه- مبنيّ على أن يكون موضوع الخمس، الفائدة

الحاصلة من الاكتساب أو من مطلق العمل الاختياري، بناء على ما ذكروا من أنّ الأوّل مختص بما إذا قصد الفاعل الارتزاق أو ازدياد المال، فلا يشمل الاصطياد الصادر للتنزّه كاصطياد السلاطين.

لكن يرد عليه أوّلا: إنّ قولنا الخمس في غنائم السنة أو في مكتسبات السنة إمّا يلحظ فيه الكلّ على نحو الاستغراق، و إمّا على نحو مجموع الافراد. و بعبارة أخرى مخرج المؤنة الذي من فوائد العمل الاختياري أو الاكتساب إمّا بجعل كلّ شخص شخص من فوائد الاكتساب أو الأعمال، و إمّا يجعل مجموع هذه الأشخاص الواقعة بين مبدأ السنة و منتهاها بوصف الاجتماع.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 288

فعلى الأوّل: لا وجه لجبر خسارة معاملة بربح اخرى و لو كانا فردين لصنف واحد، فلو ربح في شخص معاملة ربحا يزيد منه بعد وضع مؤنة السنة زيادة، و لكن خسر أو تلف من رأس ماله في المعاملة الأخرى الواقعة في ذلك اليوم مثلا من صنف الاولى ما يوازي أو يزيد على نفعه في الأولى يجب عليه الخمس في تلك الزيادة.

و على الثاني: لا بدّ من ملاحظة الجبر و لو كان التلف أو الخسارة في رأس المال من التجارة و الربح الجابر في رأس المال من الزراعة، فما وجه تفكيكه- قدّس سرّه- بين الصنفين و الشخصين و بين النوعين. نعم، بحسب التصوير يمكن أن يلاحظ الكل استغراقيّا و يلاحظ الاستغراق بالإضافة إلى الأنواع دون الأشخاص أو الأصناف، لكنّه مجرد تصوير لا يوافقه ظاهر اللفظ، لأنّ الظاهر في مثل كل حيوان و نحوه أمّا ملاحظة استغراق الوجودات، و إمّا ملاحظة المجموعية فيها أيضا. أمّا ملاحظة أحد الأمرين بالإضافة إلى الأنواع فخلاف الظاهر.

و ثانيا: لا وجه لتخصيص الموضوع بفوائد

الاكتساب أو مطلق العمل الاختياري بعد أنّ في الأخبار ذكر مطلق الفائدة أيضا و هو أعم منهما، أو يشمل العائدات التي تحصل بلا سعي من الإنسان كسمن الفرس المتّخذ للركوب أو نموّ الشجر المتّخذ للتنزّه و نحو ذلك.

و الأوّلان و إن كانا مذكورين في الأخبار أيضا بل في الآية بناء على ما فسّرت في الأخبار، إلّا أنّه ليس المقام من حمل المطلق على المقيّد لقوّة احتمال أن يكون وجه التخصيص لكونه غالب الافراد و ليست الغلبة على حدّ يوجب انصراف المطلق أيضا، بل قد ذكر في عداد المثال لمطلق الفائدة في بعض الأخبار الجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر، و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن، و المال الذي يؤخذ و لا يعرف له صاحب.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 289

و حينئذ نقول: لو لم يكن إلّا عنوان الفوائد لقلنا بتعلق الخمس حتى بالفائدة التي تحصل من شخص تجارة، و لم نقل بجبرها للخسارة الحاصلة من شخص آخر منها، و ذلك لصدق انّه أفاد فائدة. نعم، لو أضيفت إلى اليوم فقيل فائدة اليوم لما يصدق، لكن الغرض أنّه ليس إلّا عنوان الفائدة.

و لكن ورد أنّ الخمس بعد إخراج المؤنة، و المتبادر من هذه اللفظة و لو لم يصرّح في الأخبار هو مؤنة السنة، فلاحظ رواية علي بن محمد بن شجاع النيشابوري، انّه سأل أبا الحسن عليه السّلام عن رجل أصاب من ضيعته مائة كرّ من الحنطة ما يزكّي، فأخذ منه العشر عشرة أكرار و ذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّا و بقي في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك؟ و هل يجب لأصحابه من ذلك شي ء؟

فوقّع عليه السّلام: «لي منه الخمس مما يفضل من مؤنته» «1».

فإنّ من المعلوم أنّ من يأخذ الغلة من الضيعة إنّما يهيئها لمؤنة السنة فقوله عليه السّلام: «من مؤنته»، يتبادر منه مؤنة السنة.

فيتحصّل من ضم ما يستفاد من هذا الخبر إلى ما يستفاد من أخبار الفائدة أنّ الخمس متعلق بالفوائد بعد إخراج مؤنة السنة منها.

و حينئذ فلو كان كل شخص شخص من الفائدة بحيث أمكن إخراج مؤنة السنة منها، لكان الأمر كما تقدم أيضا من عدم الجبر حتى في خسارة شخص و فائدة شخص آخر من تجارة واحدة. و لكن الأمر ليس كذلك لعدم وفاء كل واحد واحد بمؤنة السنة و لو فرض اتفاقا وفاء فائدة حاصلة من شخص واحد من التجارة بمؤنة السنة، فهو في غاية الندرة، و هذا أعني غلبة عدم وفاء الأشخاص موجب لانصراف الفائدة إلى فوائد السنة، إذ ليس بعد إلغاء اشخاص

______________________________

(1) الوسائل: الجزء 6، الباب 8، من أبواب ما يجب فيه الخمس، ص 348، ح 2.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 290

الفائدة شي ء آخر منصرفا إلّا هذا.

ففائدة ستّة أشهر و نحوها و إن كان ليس وفاؤها نادرا لكن لا ينصرف هو من العبارة، أعني قولنا الخمس في الفوائد بعد إخراج فيكون المتحصّل بعد هذا الانصراف أنّ الخمس في فوائد السنة بعد إخراج مؤنة السنة بحيث لوحظت مجموع فوائد السنة من حيث المجموع.

و حينئذ نقول: كما أنّك لو سافرت فوصل إليك مائة تومان و ذهب منك في الطريق أيضا مائة تومان لا يصدق في حقك أنّك استفدت من سفرك شيئا.

كذلك من دخل في السنة و له ملك مائة تومان فحصل له في أثنائها مائة أخرى و تلف من بعض أمواله في

أثنائها أيضا مائة، فبعد انقضاء السنة لا يصدق في حقه أنّه واجد فائدة السنة فإنّ الفائدة عبارة عن زيادة ما يملك و يعبّر عنه في الفارسيّة به (سرافت) و لا يصدق هذا المعنى في المثال.

نعم، يصدق أنّه ربح في تجارته إذا كان التلف في غير رأس ماله و لكن لا يصدق في حقّه ربح السنة و قد فرضناه عنوانا في الباب.

هذا حاصل ما استفدناه من شيخنا الأستاذ- دام أيّام إفاضاته- فخذه و كن من الشاكرين.

المسألة الرابعة: في بعض من الكلام فيما يتعلق بالمؤنة

اشارة

و فيه أبحاث:

الأول [في حكم مئونة تحصيل الربح]

اعلم أنّ مؤنة التحصيل خروجه مقوم للفائدة، فمن بذل في طريق التحصيل مائة و حصّل مائة لا يصدق أنّه وصل إليه الفائدة، و إنّما يصدق إذا

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 291

حصّل ما زاد على المائة، فإخراج هذا القسم غير محتاج إلى التماس الأدلة.

نعم، مؤنة الشخص و ما يصرفه في معاشه و أمور معيشته يحتاج إلى ذلك، أو يصدق في حق من وجد فائدة المائة و صرفها في معيشته أنّه نال فائدة المائة؟ و هذا القسم قد ورد في الأخبار تقديمه على الخمس و اعتبار الخمس بعد استثنائه من الفائدة.

و الرواية المتقدمة و إن كانت في نفسها قابلة للحمل على مؤنة التحصيل، و لكن لا بد من حمله على مؤنة الإنسان بقرينة رواية أبي علي بن راشد حيث إنّ فيه:

قلت: «فالتاجر عليه و الصانع بيده؟ فقال: إذا أمكنهم بعد مؤنتهم». و من المعلوم أنّ الصانع بيده ليس له مؤنة التحصيل فالمؤنة في حقه ليس إلّا القسم الثاني مضافا إلى التصريح به في مكاتبة الهمداني فإنّ فيها: «عليه الخمس بعد مؤنته و مؤنة عياله و بعد خراج السلطان».

البحث الثاني: هل العام الذي اعتبر إخراج مؤنته قمريّ أو شمسيّ؟

قال شيخنا الأستاذ- دام أيام إفاداته- المرتكز في أذهان كل من يريد جمع المؤنة، هو النظر إلى الفصول الأربعة، فلو طابق أوّل المحرم مثلا أوّل الحمل، فالإنسان الذي بصدد جمع المؤنة يلاحظ المؤنة من أوّل المحرم إلى أوّل الحمل الآتي لا أنّه يلاحظ إلى أوّل المحرم الآتي حتى تكون عشرة أيّام أخر بعده الواقع بينه و بين أوّل الحمل بلا مؤنة.

و أيضا المؤنة عبارة عن لوازم المعيشة، و كل فصل إنّما يقتضي نوعا خاصّا من اللوازم، فكلّ من يريد ترتيب اللوازم من غير فرق بين العرب و

العجم و الترك و غيرهم إنّما يلاحظ و يقدّر المؤنة على حسب ترتيب الفصول، و لا ربط لهذا المقام

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 292

إلى تحقيق أنّ لفظة العام و الحول في العربية و ما يرادفها في اللغات الأخرى عبارة عن أي القسمين.

إذ قد عرفت أنّ هذه الاستفادة إنّما هي من انصراف لفظ المؤنة و إلّا فليس في الأخبار ذكر لفظ السنة و ما يرادفها.

نعم، في مكاتبة ابن مهزيار الطويلة ذكر لفظ العام في قوله عليه السّلام: و أمّا الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام، لكنّه وارد في مقام أنّ ما أسقطه عنهم من الخمس إنّما هو في غير الفوائد، و أمّا هي فيوجبها عليهم في جميع الأعوام و لا نظر لها إلى سنة المؤنة و أنّها هلاليّة أو شمسيّة.

ثم لو فرض الشك فحيث إنّ المخصّص منفصل يكون المرجع إطلاقات وجوب الخمس، و إن كان الأصل الأوّلي هو البراءة. و حينئذ فقد تقتضي جعلها هلاليّا و قد تقتضي شمسيا. فالأول فيما إذا حصل ضرر في العشرة الزائدة في الشمسي، فلو أخذت شمسيا لا بد من الجبر، و لو أخذت قمريا فلا جبر لأنّه من السنة اللاحقة، فالاطلاقات تقتضي عدم الجبر.

و الثاني: فيما إذا حصل الربح في هذه العشرة و الضرر فيما بعدها، فعلى الهلالي يجبر، و على الشمسي لا جبر فالإطلاق يقتضي الشمسية.

البحث الثالث [لو كان عنده مال لا خمس فيه فهل يجب إخراج المئونة منه]

لو كان عنده مال لا خمس فيه بأن لم يتعلّق به أو تعلق و أخرجه، ففي وجوب إخراج المؤنة منه أو من الربح أو منهما أوجه، بل قيل أقوال. لا اشكال أنّ مقتضى الأصل الأولي هو الوسط كما أنّ مقتضى الثانوي هو الأول لأنّ المرجع عند إجمال

رسالة

في الخمس (للأراكي)، ص: 293

دليل المؤنة هو إطلاقات الخمس كما عرفت، و أمّا مقتضى الدليل فقد اختار شيخنا المرتضى- قدس سره- في المقام تفصيلا، قال- قدس سرّه-:

و التحقيق أنّه إن كان المال الآخر ممّا يحتاج إليه في الاكتساب كرأس المال في التجارة و ما يحتاج إليه في المزارعة، فلا ينبغي الإشكال في عدم كون المؤنة منه.

و كذا لو كان مما لا يحتاج و لكن لم تجر العادة بالإنفاق كدار لا يحتاج إليها و كالزائد عن مقدار الحاجة من رأس المال، فالظاهر أنّه كذلك أيضا.

و إن كان مما جرت العادة بصرفه في المؤنة كمقدار الحنطة و الإدام أو نحو ذلك، فالظاهر عدم وضع ما قابله من الربح من المؤنة غير ما يحتاج إليه مما عدا ذلك، و لذا يكتفى بالدار الموروثة و نحوها.

و إن لم تجر عادة في صرفها ففيه اشكال، نظرا إلى أنّ جميع ما ذكر للقول الأول (يعني إطلاق أخبار المؤنة الظاهرة في خروجها من الربح) لا يخلو عن مناقشة لقوة احتمال ورود الجميع مورد الغالب من الاحتياج إلى أخذ المؤنة من الربح، فالتمسك بمثل هذه الإطلاقات في الخروج عن إطلاقات الخمس لانحصار المأخذ فيه مشكل. انتهى كلامه رفع مقامه.

قال شيخنا الأستاذ- دام أيام إفاضاته-: لا إشكال في الأقسام الأخر غير القسم الأخير، فليست المؤنة من رأس المال للتجارة. و كذا في مثل الدار و العقار الغير المرسوم بيعها و صرف ثمنها في المؤنة، فمع وجودها يحسب المؤنة من الأرباح. كما أنّه لو لم يكن من رأس المال و كان مما جرت العادة بصرفه في المؤنة لا إبقاؤه و صرف مقابله من الربح في مكانه و ذلك كالحنطة و الإدام و اللباس و

الدار و غير ذلك من سائر المؤن الموجودة من بقية السنة الماضية، فلا يجوز وضع مقابلها من الربح، بل يوضع غير ذلك من المؤن المعطلة الغير الحاصلة.

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 294

و أمّا القسم الأخير، أعني المال الآخر الغير المحسوب من رأس المال الذي لم تجر عادة لا بإنفاقه في المؤنة كالقسم الثالث، و لا بعدم إنفاقه كالوسط كالنقود التي يدّخرها الإنسان و لا يشغلها بالكسب، فما ذكر فيه- قدس سره- من الاشكال من عدم انصراف إطلاق قولهم «الخمس بعد المؤنة» إلّا للصورة التي انحصر المخرج للمؤنة في الربح، فمثل هذه الصورة تبقى تحت إطلاقات الخمس محل إشكال.

إذ أولا: لا نسلم غلبة ذلك من التجّار و الصنّاع خصوصا في الصنّاع الذين ليس لكسبهم رأس مال، حيث إنّه كثيرا ما يكون النقود الغير المشغولة بالكسب موجودة عندهم. و بالجملة ليس هذا من الندرة بمثابة لا ينسبق من القول المذكور هذا القسم إلى الذهن.

و ثانيا: سلمنا الغلبة و لكنّها لا تفيد، لأنّ غلبة الوجود غير موجبة للانصراف.

ثم إنّه- قدس سره- في ذيل كلامه ذكر: أنّه لو اختار المؤنة كلا أو بعضا من المال الآخر الذي لا خمس فيه فليس له الاندار من الربح. و ما تقدم من اختيار إخراج المؤنة من الربح فمعناه جواز الإخراج من الربح لا استثناء مقابل المؤنة من الربح، و إن أخرجها من غيره أو أسقطها مسقط تبرعا أو تركها الشخص تقتيرا و قولهم إنّ الخمس فيما يفضل معناه ما يفضل عما ينفقه فعلا لا ما عدا مقابل المؤنة.

قال شيخنا الأستاذ- دام أيام إفاداته: إنّه- قدس سره- و إن أجاد في جعل المؤنة ما يصرفه الإنسان في مصارفه فعلا دون مقدار ما

يحتاج إليه و إن لم يصرف، لكن لم يعتبر فيه كون الصرف الفعلي من شخص هذا المال المتعلق للخمس.

نعم، ما ذكره- قدس سره- متين في صورة إنفاق الغير إمّا تبرعا و إمّا لوجوب نفقته عليه، فإنّ هذا الشخص يعدّ عرفا ممن لا مؤنة له حتى يخرج عن ربح كسبه

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 295

و فائدة سنته. و أمّا الانفاقات الصادرة من نفسه من ماله الآخر الذي قلنا: لا يجب ابتداء صرفها في المؤنة كرأس المال و الدار الزائدة، فليست على هذا المنوال، فالمصارف الفعلية يجب أن تخرج من الفائدة من غير فرق بين إنفاق مثل ذلك فيها و إنفاق الفائدة.

البحث الرابع [في بيان المراد بالمئونة]

المراد بالمؤنة كما عرفت: ما يصرف في الحوائج فعلا دون مقدار ما يحتاجه الإنسان، فلو ادّخر بعضه و قتر على نفسه لم يحسب له: قال شيخنا الأستاذ- دام أيام إفاداته-: هذا فيما يمضي وقته بالتقتير كالمأكل و المشرب و الملبس واضح، كما أنّ عدم صدق الفائدة في بعض المؤن الباقي وقتها واضح، و ذلك مثل ما لو استدان مائة مثلا و اشترى بها أجناسا و جعلها رأس مال تجارته، فكانت هذه الأجناس آخر السنة بعينها موجودة.

و كذلك لو لم يصرف ما اقترضه في شي ء و كان عين المائة موجودة.

و كذلك لو عاوضه بشي ء آخر بدون حصول ربح.

و كذلك لو صرفه في مؤنته و لم يبق ما قابله و لكن كان اكتسابه متوقفا على صرف ما اقترض في معاشه.

ففي جميع هذه الصور يجب الاستثناء من جهة عدم صدق الفائدة بدونه.

أمّا في الأخيرة فلأنّه من مؤنة التحصيل التي قلنا: إنّ خروجها مقوّم للفائدة.

و أمّا في الصور الثلاث فلأنّ معادلها و مقابلها ثابت، و ما كان

هذا شأنه لا يسمّى فائدة و كذا الكلام في الدين الذي استدانه إلى آخر السنة. و لم يكن عينه

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 296

و مقابله موجودا و مصروفا في مؤنة الاكتساب و كذا مؤنة الحجّ الذي ترك عصيانا فهل عند انقضاء العام يحسب ذلك من المؤنة و منافيا لصدق الفائدة أو لا؟ أو هنا تفصيل لا يبعد أن يقال في الدّين الذي أخّر أداءه إلى آخر العام مع بنائه على الأداء، و كون الدائن أيضا غير رافع اليد عن دينه، فإنّه مناف لصدق اسم الفائدة فمن حصل في أثناء الحول مائة، و استدان أيضا مائة و أخّر أداءه إلى أن انقضى الحول و كان في معرض الأداء عن قريب، لا يقال إنّ له ربح السنة، فإنّ المائة التي حصلها و إن كانت ملكا له شرعا و عرفا، لكنّه بنظر العرف ليس ملكا تاما مستقرا، بل يرونه ملكا للدائن و يرون المديون صفر اليد في المثال عن فائدة السنة.

و لا يقاس هذا بالفائدة مع وجود المصارف، فإنّها ملك مستقر يلزم عندهم إنفاقها في تلك المصارف بخلاف الفائدة مع وجود هذا الدين، فإنّهم يرونه مال الناس عارية في يد هذا الشخص. و الحاصل أنّه بحسب الدقّة يقال: إنّه قد استفاد الفائدة، غاية الأمر، في ذمّته أيضا دين، و لكن بالمسامحة العرفية لا يصدق عليه اسم الفائدة. و قد قرّر في محله أنّ المفاهيم المتعلقة للأحكام منزلة على المصاديق العرفية، كما أنّ الألفاظ محمولة على المفاهيم العرفية، ألا ترى حمل الدم على ما يراه العرف مصداقا الخارج منه اللون مع أنّ هذا الاختلاف بين العقل و العرف ليس في مفهوم الدم، بل في مصداقه. و أمّا

الدين الذي ليس بناء المديون على أدائه أو ليس بناء الدائن على أخذه كمهور النساء، فهو و إن كان من عام الاكتساب لا يعد مضرّا لصدق اسم الفائدة عرفا.

و كذلك ما كان صرف تكليف شرعي بصرف المال كمؤنة الحج، فوجوبها لا ينافي صدق الفائدة عرفا.

فحال هذين القسمين حال المؤن التي قتر على نفسها و مضى وقتها في أنّه لا يحسب له، فيجب الخمس قبل إخراج مقدارها بخلاف القسم الأول، حيث

رسالة في الخمس (للأراكي)، ص: 297

إنّ إخراجه مقوم لصدق الفائدة.

ثم لا إشكال في أنّ أداء الدين الذي استدانه في عام الفائدة يكون من المؤنة و مستثنى من الربح.

و أمّا الدين السابق على عام الفائدة فإن لم يتمكّن من أدائه إلّا في هذا العام كان كالمقارن. و كذلك لو تمكّن و عجز ثمّ تمكّن في هذا العام.

و إن تمكّن و لم يؤدّ عصيانا و بقي تمكّنه إلى هذا العام احتمل أن يقال إنّه أيضا كالمقارن، لأنّه فعلا مكلّف بالأداء.

غاية الأمر، وجود هذا التكليف في السابق أيضا، و يحتمل السابق أنّه لا يعد من مؤنة هذه السنة و إن وجب إخراجه فيها.

و حينئذ فيقال: إطلاق ما دل على أنّ الخمس في كل فائدة قد شمل فائدة السنة الاولى و اللاحقة كليهما، و دليل أنّ الخمس بعد المؤنة قد أخرج منه فائدة السنة الأولى عند صرفها في أداء الدين الحادث فيها، و شموله لفائدة اللاحقة عند صرفها في أداء ذلك الدين الباقي إلى هذه السنة غير معلوم، و المقيد المجمل إذا كان منفصلا فالمرجع هو المطلق فيكون إطلاق دليل الخمس محكما.

________________________________________

اراكى، محمد على، رسالة في الخمس (للأراكي)، در يك جلد، مؤسسه در راه حق، قم - ايران،

اول، 1413 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.